بسم الله الرحمن الرحيم
مجدى عبد الجواد سليمان
المحامى
بالإستئناف العالي ومجلس الدولة
مأمورية دكرنس الكلية
الدائرة المدنية
مذكرة
بأقوال السيد / ................. وآخرين
مدعى عليهم
ضد
السيد / ......................... وآخرين
مدعين
في الدعوى رقم 1003 لسنة 2007 مدني كلى دكرنس جلسة 8 / 3 / 2008
1 ـ أقام المدعون دعواهم طالبين فيها القضاء بصورية عقد البيع مع ما يترتب على الصورية من أثار0 وفى عرض أسباب طلبهم قد استندوا إلى عدة أسانيد منها أن البائعة سيدة مسنة بلغت من العمر أرذله ومقيمة مع المدعى عليهم وحتى وفاتها وأنها تجهل القراءة والكتابة وأن ذلك العقد أصطنع خلسة ولم يدفع فيه أي ثمن 0
كما ننوه إلى أن وكيل المدعين قد قرر بجلسة 9 / 2 / 2008 إلى أن طعنه بالصورية هو طعن بالصورية المطلقة 0
فبداية ننوه إلى الفرق بين الصورية النسبية والصورية المطلقة وذلك بعد أن حدد المدعين طعنهم بأنه طعن بالصورية المطلقة فإن كل منهما يختلف عن الأخر حكما ومدلولا وطريقة إثباته وتأييدا لذلك فقد قضت محكمة النقض بأن الصورية المطلقة هي التي تتناول وجود العقد ذاته وتعني عدم قيام العقد أصلا في نية عاقديه أما الصورية النسبية فهي التي لا تتناول وجود العقد وإنما تتناول نوعه أو ركنا فيه أو شرطا من شروطه أو شخص المتعاقدين أو التاريخ الذي أعطي له بقصد التحايل علي القانون بما مؤداه أن الصورية النسبية لا تنتفي بانتقاء الصورية المطلقة لاختلافهما أساسا وحكما(الطعن رقم 2236 لسنة 59 جلسة 23 /11 /1994 س 45 ص 1452 ج2 ) 0
كما قضت أيضا محكمة النقض بأن الصورية المطلقة هي تلك التي تتناول وجود العقد ذاته فيكون العقد الظاهر لا وجود له في الحقيقة ، أما الصورية النسبية فهي التي لا تتناول وجود العقد وإنما تتناول نوع العقد أو ركناً فيه أو شرطاً من شروطه أو شخص المتعاقدين ( الطعن رقم 247 لسنة 22 ق جلسة 9 / 2 / 1956 س 7 ص 205 ) 0
2 ـ أنه وبعد أن تم إيضاح ماهية طلبات المدعين فإننا ندفع الدعوى بعدم إختصاص المحكمة قيميا بنظر الدعوى حيث أن قيمة الدعوى تدخل في حدود نصاب اختصاص المحكمة الجزئية 0
فقد نصت الفقرة الأولى من نص المادة 37 من قانون المرافعات على أن ( الدعاوى التي يرجع في تقدير قيمتها إلى قيمة العقار يكون تقدير هذه القيمة بإعتبار خمسمائة مثل من قيمة الضريبة الأصلية المربوطة عليه إذا كان العقار مبنيا , فإن كان من الأراضي يكون التقدير بإعتبار أربعمائة مثل من قيمة الضريبة الأصلية ) 0
فإنه عملا بما سبق ولما كان الثابت من الكشف الرسمي المستخرج من سجلات مصلحة الضرائب العقارية والمقدم من المدعين أن قيمة الضريبة المربوطة على عين التداعي هي واحد وعشرون جنيها فإنه يتضح أن قيمة الدعوى تدخل في حدود النصاب القيمى لاختصاص المحكمة الجزئية مما يتعين معه القضاء بعدم اختصاص المحكمة الكلية نوعيا بنظر الدعوى 0
3 ـ وأما عن موضوع دعوانا فإنه ولما كانت طلبات المدعين هي الدفع بالصورية المطلقة فهذا مردود عليه بأنه ولما كان عقد البيع موضوع التداعي ثابت بالكتابة فلا يجوز لورثة البائعة إثبات عكس ما جاء به إلا بالكتابة عملا بنص المادة ( 61 ) من قانون الإثبات وكذلك المادة ( 244 ) من القانون المدنى حيث أن المدعين يعتبروا من الغير في مثل هذا الطعن وتأييدا لذلك فقد قضت محكمة النقض بأنه قد جرى قضاء هذه المحكمة على أن الوارث حكمه حكم المورث فلا يجوز له إثبات صورية سند صادر من مورثه إلى الغير إلا بالكتابة إلا إذا طعن في هذا السند بأنه ينطوى على الإيصاء أو أنه صدر في مرض موت مورثه ( الطعن رقم 7 لسنة 21 ق جلسة24/ 12 / 1953ص 755 ـ الطعن رقم 729 لسنة 41 ق جلسة 22/ 6 / 1976 س 27 ص 1391 )
كما قضت محكمة النقض أيضا بأن الوارث لا يعتبر في حكم الغير بالنسبة للتصرف الصادر من المورث إلي وارث آخر إلا إذا كان طعنه علي هذا التصرف هو أنه كان في ظاهره بيعا منجزا إلا أنه في حقيقته وصية إضرارا بحقه في الميراث أو أنه صدر في مرض موت المورث فيعتبر إذ ذاك في حكم الوصية ، لأنه في هاتين الصورتين يستمد الوارث حقه من القانون مباشرة حماية له من تصرفات مورثه التي قصد بها التحايل علي قواعد الإرث ، أما إذا كان مبني الطعن في العقد أنه صوري صورية مطلقة فان حق الوارث في الطعن في التصرف في هذه الحالة إنما يستمده من مورثه وليس من القانون ، ومن ثم فلا يجوز له إثبات طعنه . إلا بما كان يجوز لمورثه من طرق الإثبات ( الطعن رقم 355 لسنة 29 ق جلسة 9 / 4 / 1964 س 15 ص 525) 0
وقضت أيضا محكمة النقض بأنه إذا كان الطاعنون وهم خلف عام لمورثهم لا يعتبرون من الغير بالنسبة للتصرف المطعون فيه وهو تصرف بات غير مضاف إلى ما بعد الموت ، فإنهم لا يملكون من وسائل الإثبات قبل المتصرف إليها ـ المشترية ـ إلا ما كان يملكه مورثهم في صدد منازعته لها في ملكيتها الثابتة لها بالعقد ( الطعن رقم 459 لسنة 25 ق جلسة 23 / 3 / 1961 س 12 ص 260) 0
فإنه عملا بما سبق إيضاحه ولما كانت دعوانا خالية من ثمة دليل مكتوب يثبت عكس ما هو ثابت بالكتابة بموجب عقد البيع موضوع التداعي فإننا نتمسك بعدم جواز إثبات ما هو ثابت بعقد البيع بغير الكتابة مما يترتب عليه أن دعونا تصبح خالية من ثمة دليل مقبول قانونا مما يتعين معه القضاء برفضها 0
4 ـ أنه ولما كان إثبات الصورية المطلقة لا يجوز إلا بالكتابة إلا أنه ومن باب التزيد ومع تمسكنا بعدم جواز إثبات الصورية المطلقة إلا بالكتابة فإننا نتناول ما ذهب إليه المدعين بالرد فيما يلى 0
فإن المدعون قد أقروا بصحيفة دعواهم أن البيع قد تم في حياة المورثة بل أنه قد تم نقل الحيازة أيضا في حياتها بإسم المشترى وهو المدعى عليه أي أن البيع قد تم منجزا وقت حياة المورثة وتم نقل كافة الحقوق المترتبة علي عقد البيع إلى المشترى ولم ترجىء البائعة أثار العقد لما بعد وفاتها أي أنها تصرفت في ملكها حال حياتها مما يعتبر معه هذا البيع صحيحا نافذا في حق ورثتها حتى ولو فرضنا جدلا وهو ما لا نسلم به بأنه لم يدفع في المبيع أي مبالغ ثمنا للمبيع لأن كل شخص حر في التصرف في ماله حال حياته تصرفا منجزا ونافذا حال حياته حتى ولو كان ذلك سوف يترتب عليه خروج المبيع من ما قد يبقيه البائع بعد وفاته كميراث لورثته والتقليل مما سوف يعود على الورثة بعد وفاة المورث طالما أن هذا البيع منجزا ونافذا حال حياة المورث لأنه لا حق للورثة إلا فيما يخلفه المورث بعد وفاته 0 وذلك حيث أن التصرفات التي لا تسرى في حق الورثة هي التصرفات المضافة إلى ما بعد الوفاة والتي يقصد بها التحايل على قواعد الإرث والتي يقصد بها عدم تنفيذها إلا بعد الوفاة أما التصرفات المنجزة حال حياة الشخص فهي نافذة في حق الورثة حتى ولو كانت بلا مقابل حيث أن الورثة لا حق لهم إلا فيما يخلفه المورث بعد حياته دون ما يخرج من ملكه حال حياته وتأييدا لذلك فقد قضت محكمة النقض بأن التحايل الممنوع علي أحكام الإرث لتعلق الإرث بالنظام العام هو وعلي ما جري به قضاء هذه المحكمة ـ ما كان متصلا بقواعد التوريث وأحكامه المعتبرة شرعا ، كاعتبار شخص وارثا أو العكس ، وكذلك ما يتفرع عن هذا الأصل من التعامل في التركات المستقبلة كإيجاد ورقة قبل وفاة المورث غير بها من لهم حق الميراث شرعا أو الزيادة أو النقص في حصصهم الشرعية ، ويترتب علي هذا أن التصرفات المنجزة الصادرة من المورث في حالة حياته لأحد ورثته أو لغيرهم تكون صحيحة ، ولو كان يترتب عليها حرمان بعض ورثته أو التقليل من أنصبتهم في الميراث ، لأن التوريث لا يقوم إلا علي ما يخلفه المورث وقت وفاته ، أما ما يكون قد خرج من ماله حال حياته ، فلا حق للورثة فيه ( الطعن رقم 38 لسنة 36 ق جلسة31/3/1970)0
كما قضت أيضا محكمة النقض بأن التحايل الممنوع علي أحكام الإرث ـ لتعلق الإرث بالنظام العام ـ هو ما كان متصلا بقواعد التوريث وأحكامه المعتبرة شرعا كاعتبار شخص وارثا وهو في الحقيقة غير وارث أو العكس ، وكذلك ما يتفرع عن هذا الأصل من التعامل في التركات المستقبلة كإيجاد ورثة قبل وفاة المورث غير من لهم . حق الميراث شرعا ، أو الزيادة أو النقص في حصصهم الشرعية ويترتب علي هذا أن التصرفات المنجزة الصادرة من المورث في حالة حياته لأحد ورثته تكون صحيحة ولو كان المورث قد قصد بها إلي حرمان بعض ورثته . لأن التوريث لا يقوم إلا علي ما يخلفه المورث وقت وفاته . أما ما يكون قد خرج من ملكه حال حياته فلا حق للورثة فيه ( الطعن رقم 355 لسنة 29 ق جلسة 9 / 4 / 1964 س 15 ص 525 ) 0
وقضت أيضا محكمة النقض بأن لا يمنع من تنجيز التصرف عدم استطاعة المتصرف اليهما دفع الثمن المبين بالعقد ذلك أن التصرف الناجز يعتبر صحيحا سواء كان العقد في الحقيقة بيعا أو هبة مستترة في عقد بيع مستوفيا الشكل القانوني ( الطعن رقم 169 لسنة 33 ق جلسة 13 / 2 / 1968 س 19 ص 271 ـ الطعن رقم 9 لسنة 38 ق جلسة 6 / 2 / 1973 س 24 ص 151 ـ الطعن رقم 240 لسنة 46 ق جلسة 29 / 3 / 1979 س30 ع 1ص 984 ) 0
فإنه طبقا لما سبق إيضاحه تكون دعونا مدفوعة بعدم قبولها لرفعها من غير ذي صفة حيث أن القدر موضوع عقد البيع المطعون عليه لا يدخل ضمن ميراث مورثة المدعين وهذا بالإضافة إلى أن دعوانا تصبح حليفة الرفض 0
5 ـ أما عن ما ذهب إليه المدعين كتدليل على الصورية وعلى الرغم من عدم جواز الإستناد إليه في إثبات الصورية المطلقة حيث لا يجوز إثباتها إلا بالكتابة ومع تمسكنا بذلك فإننا نتناولها بالرد أيضا من باب التزيد وذلك على النحو التالي : ـ
أولا ـ ذهب المدعون بدعواهم إلى أن المدعى عليهم لم يدفع ثمة مبالغ في مقابل المبيع وأن الثمن المحدد بالعقد لا يتناسب مع قيمة المبيع 0
فهذا مردود عليه بأن قيام المدعى عليه بدفع الثمن ثابت بالكتابة بعقد البيع ولا يجوز إثبات عكسه إلا بالكتابة حيث أن أثار العقد تنصرف إلى المتعاقدين والخلف العام عملا بنص المادة ( 244 ) من القانون المدنى 0 أما بخصوص ما ذهب إليه المدعين من أن الثمن المدون بالعقد وهو إحدى عشر ألف جنيه لا يتفق وحقيقة قيمة المبيع فهذا قول لا يتفق وحقيقة الواقع حيث أن المساحة المبيعة حوالي ثمن الفدان وهو ما يتفق وسعر السوق وقت البيع وهذا بالإضافة إلى الصلة بين البائعة والمشترى0
وحتى ولو ذهبنا جدلا وهو ما لا نسلم به من أن العقد لم يدفع فيه ثمة مبالغ فهذا لا ينال من صحته طبقا لما سبق إيضاحه بالمذكرة وما استقرت عليه محكمة النقض في العديد من أحكامها 0
ثانيا : ـ دلل المدعون على عدم صحة العقد بكبر سن البائعة وقت البيع وعدم إلمامها بالقراءة والكتابة وهذا مردود عليه بأنه ليس بالضرورة أن يكون الشخص الكبير في السن فاقد للعقل والوعي فكثيرا من الأدباء والمفكرين بل والحكام وصلوا لمثل هذا السن وهم في كامل قواهم العقلية وعطائهم وخاصة أن دعوانا خالية من ثمة دليل على أن البائعة كانت فاقدة للوعي وقت البيع إضافة إلى أن الطعن على العقد بمثل هذا المطعن يكون بالطعن عليه بالغلط أو بالتزوير وليس بالصورية 0
أما عن عدم الإلمام بالقراءة والكتابة فهذا غير مانع من التعاقد بين الأشخاص وليس دليلا على عدم صحة العقد فجميع العقود القديمة والمحررة بين آبائنا وأجدادنا وكبار السن كانت بين أشخاص غير ملمين بالقراءة والكتابة 0
ثالثا : ـ ذهب المدعون إلى أن الدليل على صورية العقد أنه غير مشهود بشهود عليه 0 وهذا مردود عليه بأنه لم يشترط القانون في العقود أن يوقع عليها ثمة شهود بل يكفى فيها الإيجاب والقبول فقط وذلك طبقا للقانون وما أستقرت عليه أحكام محكمة النقض 0
لـــــــــذلك
نلتمس من عدالة المحكمة القضاء : ـ
أصليا : ـ القضاء بعدم اختصاص المحكمة قيميا بنظر الدعوى0
واحتياطيا : ـ القضاء بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذي صفة لخروج المبيع من تركة المورثة0
وأكثر احتياطا : ـ رفض الدعوى لخلوها من ثمة دليل مكتوب ومقبول قانونا 0
وكيل المدعى عليهم